دروع وزارة الثقافة معنا فتوقفوا عن الثرثرة

تدور في أوساط الجالية ثرثرات مريضة مملة أساءت الى مروجيها، دون أن تسيء الى الشعراء السبعة الذين كرمهم، ولأول مرة بتاريخ المهاجر، معالي وزير الثقافة المحامي ريمون "روني" عريجي، أو أن تحبط من عزيمة المحامية بهية ابو حمد التي عملت من أجل تكريم هؤلاء الشعراء الكبار، الذين اعطوا الأدب المهجري ما لم يعطه احد من قبل.
معالي الوزير ريمون عريجي ليس هوائي المزاج والقرار، هو ابن زغرتا البطلة، ان تكلّم فعل، وان أعطى لا يتراجع، ولا يقبل أن تتلاعب بقرارته العظيمة ثأثأة أناس حقودين.
هو محام، ومثقف من الدرجة الأولى، ويعلم أن من كرّمهم هم الكبار، وهم العطاء، وهم السنابل الملآنة بالقمح، المنحنية إجلالاً للكلمة، التي هي الله. ومن يدري فقد يكرّم غيرهم في السنوات المقبلة، ونعده بأن نهنىء كل من أساء الينا، لأننا أكبر من الاساءة.
لقد صمتّ كثيراً عن هذه المسألة، لا خوفاً من الثرثرات، بل احتراماً لمعالي الوزير عريجي، ولنقيب شعراء الزجل في لبنان، هذا يقول "يا فرحة ما اكتملت" وتلك تقول "الدروع في البحر لم تصل بعد"، وآخر يقول "فلان ليس شاعراً كي يكرم"، وكنت أقرأ واسمع وأبكي عليهم حزناً، لأنهم فقدوا عقولهم، وأعمى بصيرتهم الحقد الأسود. ولكي أريحهم من أوجاعهم، سأقول لهم ولكل ثرثار في الجالية ان الدروع معنا، وبراءة الجائزة معنا، وها أنا أنشر الصور لتتأكدوا من ذلك، ولكن عليكم قبل قراءة خطابي عن الجائزة التي بها افتخر وأعتز، أن تزوروا طبيبكم النفسي كي لا تصابوا بذبحة قلبية تحرمنا وتحرم الجالية من الضحك عليكم.
هذا ما كنت سأقول، ولكنني سأستبدله بخطاب آخر، أجمل منه، فترقبوه:
ـ1ـ
أيها الحضور الكريم
أنا لا أصدّق، أن وزيراً للثقافة من منطقة زغرتا، مسقطِ رأسي، إسمُه ريمون عريجي، بإمكانه أن يمحوَ نصفَ قرن من غربتي الطويلة، بالتفاتة مضيئة، كشمس إهدن، أو كضَحِكاتِ أبنائها.
كيف بإمكانِ هذا المحامي الفذّ أن يدافعَ عنّي ويُطلِقَ سراحي من سجني الاغترابي، ويُرجِعَني الى الوطن بقرارٍ تاريخيٍّ، وبيني وبينَه آلافٌ من الأميال، وأحلامٌ واشتياقٌ ودموعٌ وسهر.
لقد زرعَ في قلبي فرحةً: امتدادُها شواطىءُ سيدني وانتهاؤها بيادرُ قريتي مجدليا، فألفُ شكرٍ لالتفاتَتِه التكريميةِ أولاً، ولحبِّه للشعر والشعراء ثانياً، ولإرجعاعِهِ الحرفَ الى بلدِ الحرفِ ثالثاً.
ـ2ـ
أنا لا أصدّقُ أنّ محاميّةً لامعةً، اسمُها بهية أبو حمد، تعشقُ الشعرَ وتحفظُهُ، تُقفِلُُ مكتبَها، توضّبُ حقائبَها، وتسافرُ الى الوطنِ، كي ترميَ بين أيدي المسؤولين ملفاتِ نُخبةٍ من الشعراء، شاءني الحظُّ أن أكونَ واحداً منهم، بغية تكريمهم وحفظ مؤلفاتهم.
المادةُ عندها لا شيء، تعبُها من أجل الشعر راحةٌ، وكلمتُها فعلٌ، ولهذا نحن نُكرَّم.. فألفُ شكرٍ لها ولجمعية إنماء الشعر، ولنقيب شعراء الزجل في لبنان الشاعر جورج بو أنطون.
ـ3ـ
أنا لا أصدق أنني أقفُ اليومَ بين القصائدِ الرائعةِ، المتطايرةِ كأحلامِ الصبايا، من أفواه زملائي الشعراء المكرمين، وأنا أَحبِسُ دمعتي، وأتكيءُ على فرحي، ولسان حالي يردّد: بلى، والله، لقد بدأت أصدّق، فألف مبروك يا شباب.
ـ4ـ
إنها المرةُ الأولى التي يكرّمني بها وطني..
إنها المرةُ الأولى التي يتغلّبُ بها درعٌ ثقافيٌ لبنانيٌ على جميع الحواجز السياسية، والطائفية، والاقليمية، ليصلَ إليّ في غربتي، ويهمسَ في أذنيّ: إرفعْ رأسَك.. أنت لبناني.
إنها المرةُ الاولى التي أشعرُ بها أنني شاعر.
وشكراً.


سيدني ـ أستراليا

CONVERSATION

0 comments: