كلمة قنصل لبنان العام في سيدني الاستاذ جورج البيطار غانم بمناسبة ذكرى الاستقلال

سدني، السبت 22/11/2014

سعادة النائب طوني عيسى، ممثلا ًرئيس حكومة ولاية نيو ساوث ويلز السيد مايك بيرد، 
سعادة الوزيرة باربارا بيري، ممثلةً زعيم المعارضة في ولاية نيو ساوث ويلز السيد 
جون روبرتسون،
أصحاب السعادة والسيادة والسماحة والفضيلة،
الزملاء أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي،
السادة النواب الأعضاء في مجلس ولاية نيو ساوث ويلز،
رؤساء وأعضاء البلديات والهيئات والمؤسسات والأحزاب والجمعيات،
رؤساء تحرير وممثلو الصحافة اللبنانية في أستراليا،
أيها الحفل الكريم،
إنه ليوم عظيم أن نلتقي كلبنانيين ومتحدرين من أصل لبناني وكلنا أمل بأن يكون إطلالة عهد جديد على وطننا الحبيب لبنان، هذا البلد الصغير بحجمه، الكبير بأبنائه، الذي رفع راية الأرز تحت كل سماء، والذي لنا شرف الإنتماء إليه قلباً وقالباً. إنه يوم التحرر، وكلنا لدينا مهمة غرس روح المواطنة وحب الوطن في قلوب أبنائنا لكي لا ينسوا وطنهم الأم وأرض أجدادهم، إنه لتحدٍ لنا أن نـُعلّمهم كيفية الإنتماء إلى مجتمع لبناني ليكونوا عناصر فعـّالة فيه. 
هذا المجتمع الراقي، الذي صدّر المعرفة والعلم والحضارة من شواطئه إلى العالم أجمع. 
ولعل الإغتراب اللبناني يشكّل الفصل الأكثر جاذبية ومدعاة للزهو في قصص النجاح الباهر لهذا البلد، إذ لطالما كان اللبنانيون في الانتشار سنداً للبنان في لحظات محنته، ومصدر إلهام له في أيام تعافيه التي لم تخلُ بدورها من التحديات.

ولطالما سمع المغترب اللبناني الكثير من الأدبيات السياسية التي تتحدث عن "جناحي لبنان، المقيم والمغترب". ولقد آن الأوان لكي نخرج من ثنايا الشعر السياسي إلى حنايا الواقع، 
إذ لا معنى للأجنحة دون إرادة التحليق، ولا جدوى من أية طموحات لفظية دون إستيلاد خطط عمل جدية وعملانية تسعى لتحقيقها.

من هنا، ولدت فكرة إقامة أول مؤتمر إغترابي من نوعه تحت إسم" لقاء الطاقة الإغترابية اللبنانية"، الذي عُقد في بيروت في شهر أيار المنصرم، وحضره حوالي خمسماية شخصية، تنوعت ما بين إغترابية ومتحدرة من أصل لبناني. إن الهدف الذي سعت وزارة الخارجية والمغتربين من وراء تنظيم هذا المؤتمر، هو في رغبتها توجيه لفتة اعتبار مُستحقة للكفاءات اللبنانية اللامعة في عالم الانتشار، وتوفير فرصة مؤاتية لإطلاق عجلة مسعاها الرامي إلى تكثيف وتفعيل الطاقات الإغترابية خدمة لمصالح لبنان، وتسريع عملية تسجيل المغتربين ونيل الجنسية لمستحقيها المتحدرين من أصل لبناني، وصناعة "لوبي" لبناني فاعل ومؤثر حول العالم وتعزيز التبادل التجاري بين لبنان وسائر الدول، ولاسيّما أستراليا، التي نسعى معها، وبالتعاون مع غرفة التجارة الأسترالية – اللبنانية، إلى الإتفاق على تصدير الكرز اللبناني العريق بجودته وبيعه في أسواقها، ليكون باكورة ثمار هذا المؤتمر، الذي من المقرر أن يعقد لقاءه الثاني في شهر آذار من العام 2015.


في جانب آخر، كانت لزيارة غبطة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي على رأس وفد مرافق، وهي الأولى إلى أستراليا، الأثر العميق في نفوس أبناء الجالية اللبنانية فيها، ولا سيما في ولاية نيو ساوث ويلز، التي مكث فيها نيافته ثلثي مدة إقامته في هذا البلد. فقد أدخل حضوره وتواضعه البهجة في صفوف جاليتنا المعطاءة، وكانت له لقاءات مؤثرة مع مختلف ممثليها ومكوناتها، وتركزت عظاته على ضرورة تسجيل وقوعات الأحوال الشخصية من زيجات وولادات والإمتناع عن بيع الأراضي والممتلكات في لبنان والحفاظ على اللغة العربية وتعليمها للأجيال الطالعة، لكي يبقى الرابط مع الوطن الأم قائماً بشكل مستمر، مما يُدعّم التواصل والتمسّك بالهوية اللبنانية. وهنا، لا يسعني سوى أن أشكر جميع القيّمين على التحضير لهذه الزيارة التاريخية، وخاصة أبرشية أستراليا المارونية بشخص راعيها سيادة المطران أنطوان شربل طربيه مع سائر معاونيه، لما لهم من دور بارز ومشكور في العمل على إنجاحها.


من جهة أخرى، يسرّني أن أحيطكم علماً بأن قنصلية لبنان العامة في سدني قد أنجزت أعمال ترميم وتصليح وصيانة وإعادة تأثيث دار سكن هذه البعثة، التي كانت تعاني من الإهمال المزمن، بالرغم من كونها الوحيدة التي تمتلكها الدولة اللبنانية في أستراليا منذ العام 1955. فتم شراء مفروشات جديدة لأحد صالوناتها الرئيسية الذي كان عرضة للنش ولتسرب المياه والذي أعيد ترميمه وفتحه لإستقبال الضيوف وتكريم المستحقين.
وإنني، بإسم الحكومة اللبنانية ونيابة عنها، وبإسمي الشخصي، أتقدّم بالشكر الجزيل من كل من ساهم في دعم تمويل هذا المشروع وتحقيقه من أبناء جاليتنا الكريمة والوفيّة لوطن الأرز، 
كما أخصّ بالشكر أعضاء اللجنة التي شـُكّلت لهذه الغاية، لما بذلوه من مساعٍ حثيثة لجمع الأموال وإنجاح تنظيم حفلي التبرع وتجاوب وتعاون الجالية بمختلف شرائحها معهم، إضافة إلى المهندسين والبنّائين الذين أشرفوا وساهموا بأعمال الترميم.

أيها الحضور الكريم،

إن وطنكم جزء من هذا العالم وهو كبير بكم، إذ إن وجودكم في هذا البلد يجعل لبنان حاضراً في أستراليا. لذلك، وفي ظل ما نشهده من أحداث تصبح المسؤولية كبيرة، وبالتالي يُصبح الإلتفاف حول الوطن الأم من أكبر الواجبات عبر تعاون هيئاتكم وجمعياتكم الأهلية مع مؤسسات دولتكم.

أيها الأحباء والأعزاء،

نداؤنا إليكم أن تثقوا بمستقبل وطنكم وأن تتذكروا دائماً أنكم من أرضٍ كريمة قدّستها 
السماء وروَتها الدماء الزكية، وأنكم من بلد ساهم في بناء الحضارة العالمية. إن وطنكم بحاجة إليكم كما أنتم بحاجة إليه، فالوطن يتنفس برئتيه، بأبنائه المقيمين والمنتشرين. وهؤلاء لا حياة لهم بدون وطنهم، فكونوا القوة الموحَّدة في مؤسساتكم وقلوبكم ومحبتكم لوطنكم يكُن المستقبل لكم. إن وطنكم كان دائماً أكثرَ من مجرد وطنٍ، إنه صيغة فريدة لتلاقي الثقافات والأديان وتفاعلها. إنه رسالة.

كل عام وأنتم بخير
عشتم، عاشت أستراليا
وعاش لبنان

CONVERSATION

0 comments: