ܒܪܺܝܟ ܪܡܫܳܐ
برعاية صاحب النيافة مار ملاطيوس ملكي ملكي، مطران أبرشية النيابة البطريركية في أوستراليا ونيوزلندا، الجزيل الإحترام، وصاحب السيادة المطران أنطوان-شربل طربيه، راعي ابرشيّة أوستراليا المارونيّة، السامي الإحترام، تمّ افتتاح مركز اللغة السريانيّة الآراميّة وذلك نهار الأربعاء الواقع 22 نيسان 2015 في مطرانيّة السريان الأورثوذكس، ليدكمب. وذلك بحضور السيد الوزير جون عجقة، وزير تعددية الثقافات في نيو ساوث وايلز، والسيد لوق فولي، نائب منطقة أوبرن، والسيد ماهر دبّاغ، القنصل الفخري للجمهورية السورية، والمنسنيور مرسلينو يوسف، النائب العام، والأب إيلي نخول النائب الاسقفي للإعلام والتنشأة الدائمة للكهنة، في أبرشية أوستراليا المارونية؛ والخوري جورج القان، والخوري نبيل كابلو، والخوري افرام، من أبرشية النيابة البطريركية في أوستراليا ونيوزلندا؛ والأخت مرلين شديد، من راهبات العائلة المقدسة؛ والسيد والي وهبة، رئيس التجمع المسيحي في أوستراليا، والدكتور جان طربيه، مدير مركز الماروني للأبحاث والدرسات وممثلي الأحزاب والقرى والبلدات المشرقية في أوستراليا، وحشد من الشخصيّات الروحيّة والإجتماعيّة والإعلاميّة المكتوبة والمرئية.
إنّ مركز اللغة السريانيّة الآراميّة، وهو الأوّل من نوعه في أوستراليا، من المشاريع المميّزة التي أنجزها صاحب النيافة المطران مار ملاطيوس ملكي ملكي وصاحب السيادة مار أنطوان-شربل طربيه الساميّ الإحترام. وهو يهدف إلى تعليم اللغة السريانيّة الآراميّة أوّلاً، وتعزيز ونشر اللغة السريانيّة الآرامية ثانياً، وأيضاً لحفظ التراث وتأمين استمرارية هذه اللغة للأجيال القادمة في أوستراليا.
واللغة الأراميّة وهي اللغة التي كانت مسيطرة بدءاً من القرن العاشر قبل الميلاد، في كلّ الشرق الأوسط تقريباًن وفرضت سيطرتها التامّة في الامبراطورية الفارسية (حوالي 537 – 323 ق. م.)، إذ كانت اللغة الرسمية للمراسلات والدواوين في الأمبراطوية، فامتدّ نفوذها من الهند في الشرق وحتّى السودان في أفريقيا. واللغة السريانية هي اللغة الأرامية نفسها مع بعض التطوّر، كما هو معروف بتطوّر اللغات، وتغيير الأسم بسبب اعتناق أصحاب هذه الحضارة وهذه اللغة الديانة المسيحية، التي صارت بنظر كلّ انسان آرامي عندما يعتنق المسيحية يُسمّى "سرياني" أي "مسيحي" ليتميّز عن أخوه أو أبوه الذي بقي "آرامياً" أي "وثنياً. وهكذا صارت لغته أيضاً "السريانية" أي "الآرامية".
والسريانيّة هي من أكثر اللغات مخطوطة في العالم. فكُتب بهذه اللغة في كلّ مجالات العلم تقريباً: في اللاهوت، الكتب المقدّسة، الطب، العلوم الطبيعية، الرياضيات، الهندسة، الفَلك، الشعر ... إلخ. واليوم المئات الباحثين، حتى في اليابان وكوريا، هذا ما عدا أوروبا وأميركا وكندا والشرق الأوسط يَدرسون ويُدرّسون اللغة السريانيّة، ويحقّقون وينشرون المخطوطات. ويتمّ تنظيم المؤتمرات بين الحين والآخر في أميركا وأوروبا والشرق والهند وحتى في استراليا، بحيث كانت قد اضحت هذه اللغة تقابل اللغة اليونانيّة واللاتينيّة في عصرهما الذهبي. وهي تحاول الآن، بحسب إمكاناتها المحدودة، أن تجاري العصر، فلجانها اللغوية المتنوّعة وكتّابها ما توقّفوا أن يُغنوا اللغة بالكلمات الجديدة التي تتناسب مع العلوم الحديثة. وهكذا، صارت نهضة قوية في الشرق الأوسط وأوروبا خاصة بين السريان، حيث أنّهم يحاولون وضع مناهج جديدة لتدريس اللغة السريانية، وتدريسها بالفعل في مدارس خاصة وعامّة لمَن يريد تعلّمها، والإسهام في ترجمة الكتب الحديثة المتنوّعة من لاهوت ودين وعلوم وآداب وسياسة، مثل "روميو وجولييت"، "الأمير ماكيافيلي" وغيرها من المؤلفات إلى هذه اللغة.
ومن أشهر الشخصيات والكتّاب الكبار في العالم السريانيّ، شفيع هذه الكنيسة المباركة وهذا المركز، مار افرام السرياني (306 – 373)، والذي دُعي "كنارة الروح القدس". عُيّن مديراً في مدرسة نصيبين اللاهوتية التي كان قد أسّسها مار يعقوب النصيبيني. ترك لنا في اللاهوت أشعاراً، عُرفت بجمالها الأدبي والشعري وبعمقها اللاهوتي والديني. كما ردّ على الفلاسفة الضالين في أيامه، وهاجم الأريوسين وأظهر الإيمان الحقيقي الأورثوذكسي القويم. وشرح أيضاً الكتاب المقدّس شرحاً وافياً، ولبث الشارحون بعده يرددون ما كتبه حتّى يومنا هذا. وحتّى اليوم، نُقلت وتُنقل أشعاره وتُنشر بالإنكليزية والألمانيّة والفرنسيّة واللاتينيّة والأسبانيّة والعربيّة وعدّة لغات أخرى. وكان مار أفرام أوّل من أسّس فرقة ليتورجيّة (كورال) تضم الرجال والنساء، يوم كانت روما والقسطنطينية تخاف أن تُصعد المرأة إلى الخورس، وممّا قاله في ذلك: "لماذا لا تنشد الحمائم مع النسور".
وبعد تسليم الرومان مدينة نصيبين للفرس سلماً في عام 363، تركها مار أفرام مع أغلبية شعبها وأتى إلى الرُها، وأسّس هناك أيضاً مدرسة، وعلّم فيها حتى وفاته. وكان من أهمّ انجازات هذا القدّيس أيضاً، تأسيسه أوّل مأوى عجزة كان بمثابة مأوى ومشفى في آن واحد.
وهناك كتّاب آخرون مشهورن مثل، أفراهاط السرياني الملقّب بـ "الحكيم الفارسي"، واللاهوتي والشاعر الكبير مار يعقوت السروجي، الذي ترك مئات القصائد، ومنها ما يزيد على 1000 بيت من الشعر، ومار اسحق الأنطاكي، ومار سويروس الأنطاكي، ومار فيلكيسنوس المنبجي، ومار يعقوب الرهاوي، ومار اثناسيوس البَلَدي، ومار يوحنا اسقف دارا، ومار يوحنا مارون، ومار موسى ابن كيفا، والبطريرك مار ديونيسيوس التلمحري، ومار ديونيسيوس يعقوب ابن الصليبي، ومار ميخائيل الكبير، وعلامة العصر وموسوعة زمانه مار غريغوريوس يوحنا الملقّب والمعروف بـ "ابن العبري"، وغيرهم كثيرون.
ويشكل هذا الحدث اليوم الواقع فيه 22 نيسان 2015 انطلاقة جديدة للعلم والثقافة في استراليا، تُضاف إلى سلسلة النشاطات التي تقوم بها الأبرشيّة السريانية الأروثوذكسية والمارونيّة في أستراليا.
فلقد افتتح الإحتفال صاحب النيافة مار ملاطيوس ملكي ملكي بالصلاة وكلمة الترحيب، فشدّد على تعلّم هذه اللغة المقدّسة، لأنّها "ليست فقط لغتنا الأم، ولغة طقوسنا وعبادتنا وليتورجيتنا، ولِما لها أهميّة في ديمومة تراثنا العريق، ولكنّ الأهمّ من ذلك، لأنّها تشرّفت بلسان ربنا يسوع المسيح على هذه الأرض".
والقت السيدة امال بوسمرة، عريفة الحفل، كلمة ترحيب وتعريف عن الخطّاب وعن المدرسة وعن اللغة السريانية. واثنى كلامها باللغة السريانية، الشاب يوحنون حيدري.
كما قال صاحب السيادة المطران طربيه في كلمة الإختتام، "إنّ اللغة السريانية هي مفتاح التراث اللاهوتي المسيحي المشرقي، ولها مكانتها في حياة كنائسنا هنا في أوستراليا".
وأما السيد جون عجقة وقد أبدا عن إعجابه لهذه الفكرة الخلاقة وهنأ المطرنين وأكد تأييدهما. وتخلل اللقاء حلقات تعريفيّة اخرى حيث أبرز البروفسور رفعت عبيد عن اللغة والمركز والبرنامج الاكاديمي الذي سيبدأ هذا العام الدراسي لمختلف الأعمار والطبقات العلميّة.
في الختام دعى صاحبي النيافة والسيادة المطران ملكي والمطران طربية الجميع للمشاركة في كوكتيل، كعربون شكر وتقدير.
للمزيد من المعلومات عن المدرسة، يرجى الإتصال بأبرشية النيابة البطريركية في أوستراليا ونيوزلندا، لدكومب.
أمال بوسمرة
تحرير إ-مارونيا
0 comments:
إرسال تعليق